كما أن هناك عادات وممارسات غذائية خاطئة لدي المصريين، فإن لهم أيضا ممارسات وعادات غذائية صحية ومفيدة وهم يتبعونها منذ عهود بعيدة إعتمادا علي التجربة والخطأ، فضلا عن الخبرة دون أن يفطنوا إلي أهمية هذه العادات والممارسات من المنظور العلمي، ومن خلال البحث العلمي نذكر في هذا الصدد ثلاثة أمثلة تعد نصائح ذهبية:ـ خلط الأرز مع العدس عند إعداد الكشري يؤدي إلي تكامل الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاج إليها الجسم في بناء البروتينات ولاتخلق بداخله، والأرز فقير في واحد من هذه الأحماض -علي عكس العدس- في حين يفتقر العدس إلي ثلاثة من الأحماض الأمينية الأساسية -علي عكس الأرز-
*ملحوظة: إذ أضيفت بيضة مسلوقة أو مقلية إلي طبق الكشري وتم تناوله مع طبق من السلاطة معدة من الخضراوات فإن هذه الوجبة تعتبر وجبة متوازنة.
ـ من الشائع إضافة الحمص عند طهو السبانج وقد تبين صحة هذه العملية علميا، فالسبانخ تحتوي علي تركيز محسوس من حمض الأكساليك الذي يرتبط بكمية من الكالسيوم الموجود بالوجبة الغذائية مكونا أكسالات الكالسيوم -صورة لايمكن للجسم الاستفادة منها- لذا فإن وجود الحمص -غني بالكالسيوم- يعوض الكالسيوم الذي يرتبط في صورة غير متاحة.
ـ من العادات الغذائية الشائعة إضافة عصير الليمون إلي السمك، الكبدة، الفول المدمس، وهي عادة غذائية سليمة تماما من الناحية العلمية، وذلك لأن عصير الليمون يحتوي علي تركيز عال من فيتامين ج الذي يقوم بتحويل -اختزال- الحديد الموجود في صورة حديديك -لايمتصه الجسم بكفاءة- إلي صورة حديدوز -يمتصه الجسم بكفاءة- ومن ثم فإن إضافة عصير الليمون يزيد من الإتاحة الحيوية للحديد أي زيادة استفادة الجسم من الحديد.
وإذا كانت عمليات خلط الأغذية قد تمت فيما مضي مصادفة أو من أجل تحسين الخواص الحسية للغذاء المطهو، فإن خلط الأغذية الآن يتم وفقا لأسس علمية بهدف تحقيق أغراض تغذوية محددة، دعنا نعطي مثالا عمليا من البحوث المصرية في هذا السياق، حيث قامت الباحثة أماني اسماعيل العباسي من خلال بحثها للحصول علي درجة الماجستير -قسم علوم وتقنية الأغذية بزراعة الإسكندرية- من إبتكار مشروب جديد لاقي اقبالا لافتا عند تقويمه بواسطة المحكمين المدربين فضلا عن قيمته الغذائية العالية وإحتوائه علي مركبات تحمي الإنسان من عائلة أمراض خطيرة مما يجعله مشروبا مفيدا للكبار والصغار علي حد سواء، ولقد نشر هذا البحث بإحدي الدوريات العلمية الأمريكية، وتلقت الباحثة خطابين من إدارة هذه الدورية وكذلك من رئيس احدي دور النشر العلمي المعروفة بأمريكا لتهنئتها علي نشر هذا البحث لأن زهاء ألف باحث علي مستوي العالم حصلوا علي نسخة من هذا البحث من الموقع الإلكتروني للدورية العلمية، وذلك خلال فترة وجيزة والعدد آخذ في الزيادة ويتكون المشروب الجديد من خلط اللبن الزبادي أو اللبن الرايب مع عصير الجزر الأصفر، ولكن لماذا اللبن الزبادي أو اللبن الرايب؟ ولماذا عصير الجزر؟
اللبن الزبادي واللبن الرايب عبارة عن ألبان متخمرة تحتوي علي بكتيريا مفيدة للإنسان خاصة البكتيريا المعروفة بإسم بكتيريا حمص اللاكتيك -LAB- وتحميه من أمراض خطيرة ويطلق علي البكتريا المفيدة للانسان مصطلح بروبيوتيك Probiotics.
ولاتنس أن منتجات الألبان عامة تعتبر مصدرا ممتازا لكل من البروتينات والدهون والعناصر المعدنية كالكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم والماغنسيوم بالاضافة إلي فيتامينات د. الرببوفلافين، ب12، ب6.
أما الجزر الأصفر فهو يحتوي علي المركبات المعروفة بمركبات الفايتو، فهو يحتوي علي الألياف الغذائية المفيدة للهضم الكاروتينات والتي تعمل كمضادات أكسدة ممتازة فضلا عن كونها مولدات لفيتامين أ، كذلك يحتوي الجزر علي سكريات مفيدة تندرج تحت ما يعرف بالبرويبوتيك.
ويؤدي خلط الزبادي أو الرايب مع عصير الجزر الأصفر إلي تعظيم كل هذه المركبات الوظيفية أي إنتاج غذاء وظيفي، ولقد حظيت الأغذية الوظيفية حديثا بإهتمام علمي لافت علي مستوي العالم في ضوء ما تبين علميا من فوائد هذه الأغذية، حيث انها علاوة علي محتواها من المغذيات المعروفة -البروتينات، الكربوهيدرات، الدهون، المعادن، الفيتامينات- فإنها تحتوي ايضا علي مركبات وظيفية تحمي الانسان من الإصابة بعديد من الأمراض الخطيرة ولذا فلم يكن مستغربا اصدار مجلة علمية أمريكية دولية النشر فيها مقصور علي بحوث الأغذية الوظيفية دون سواها.
الكاتب: د. محمد محمود يوسف.
المصدر: جريدة الأهرام المصرية.
